يقول مولانا العارف بالله تعالى احمد رضوان رضى الله عنه :- إذا أراد الله بعبده خيراً قيض له حالاً يسوقه إلى عارف بالله، والحمد لله فإن العارفين به كثيرون في هذه الدنيا، فمتى اتصل العبد بأحد العارفين عرف حاله وما يحتاج إليه في سيره إلى الله وأعطاه الدواء الناجح لشفاء روحه وزوده بكل ما يحتاجه في طريق الله حتى يصل إلى ربه، وبذلك يتحقق له الفوز في الدنيا والآخرة ويكون نبراساً للهدى.

أخر المواضيع

الطريق إلى الله

الطريق إلى الله
قال الشيخ رضى الله عنه وارضاه :
الطريق إلى الله حبه وطاعته والعمل بكتابه ومتابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العمل والقول والحال وهكذا، وهو لا يدرك إلا من العارفين، لان العارف أطلعه الله وعلمه قبل أن يتخذه عارفاً، والعارف عند القوم هو العالم بالشريعة والطريقة والحقيقة.
فالشريعة تقول لك اعمل، والحقيقة تقول لك أخلص، والطريقة تقول لك اتبع.
والإتباع يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام والإيمان والإحسان.
فالطريقة خروجك من ظاهرك إلى تنظيف باطنك، والحقيقة فعلُ الله وتأييده لك، والشريعة تكليفك بأوامره، فجاهد هواك.

يقول الله تعالى جل شانه في الحديث القدسي ((يا محمد أنت قبضة من نورى لا صبر لها عنى حتى تعود الىَّ))
فعودة النور المحمدي إلى الله تعالى هو الطريق إلى الله.
ويقول الله تعالى في حديث قدسي ((من عرفني أحبني، ومن أحبني عشقني، ومن عشقني طلبني، ومن طلبني قتلته، ومن قتلته لزمتنى ديته، ومن لزمتنى ديته فأنا ديته، ومن كنت ديته فلا فرق بيني وبينه)).
ولا شك أن هذه سنة الله في خلقه، فلن يصل إلى الله عبد إلا إذا سلك الطريق المرسومة للسير إليه تعالى، وترقى من مرتبة إلى مرتبة من المراتب السابقة في الحديث القدسي.
فالحب أول مراتب أهل الله لسلوكهم إليه تعالى.
قم العشق وهو الحب إذا اشتد.
ثم الطلب وهو مرتبة يتطلع فيها العبد لمرتبة العبد الرباني.
ويستبد به الشوق ويلح لإجلاء نور الله، فإذا صدق في طلبه صدقاً تاماً فحينئذ يستحق القتل، وهو الموت الذي أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الشريف ((موتوا قبل أن تموتوا)).
وفى هذا القتل أو الموت يموت العبد عن جميع شهواته، وعن تعلقه بالدنيا كلها وملذاتها، والآخرة ومراتبها، فإذا بدرت منه شهوة لشيء من ذلك لم يصح موته، ولم يستحق الدية الإلهية وهى المرتبة التالية، والموت مرتبة معروفة عند الصوفية باسم (الفناء) أو (الموت اللاإرادي) وهو الذي يحدث للعبد قبل أن يموت الموتة الطبيعية التي يموتها كل الأحياء، وبها ينتقل عن هذا العالم إجبارياً.
فإذا صح موت العبد يستحق الدية الإلهية، وبها ينتقل إلى المرتبة النهائية وهى (اللافرقية) وهى الوصول إلى الله تعالى، إلى ذلك نبهنا الله جل شأنه برحمته وفضله ومنته على بني آدم في حديثه القدسي ((لا يزال عبدي يتقرب الىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشى بها أو كنته))

ولا يتحقق مضمون هذا الحديث إلا بما يتحقق به الحديث الأول، وإذا ترقى العبد إلى مرتبة الوصول فقد يستبقيه الله لذاته، ولا يكلفه هداية الخلق، فيكون على مرتبة نبوية، وقد يكلفه الله هداية الخلق فيكون على مرتبة رسولية، فمن تعلق بعبد هذا شانه فقد تعلق بالنور المحمدي، ومن تعلق بالنور المحمدي فقد تعلق برب العزة، ولهذا كان من توفيق الله للعبد أن يعثر في حياته على العارف الذي منحه الله الدية الإلهية، وهو الذي يكون على الشاكلة النبوية والأخلاق المحمدية، فإذا أخلص في حبه لله وخدمته للعارف ترقى من مرتبة إلى مرتبة على يد هذا العارف حتى يصل إلى ما وصل إليه.
***************