حديث الشيخ عن المجاذيب والبُله
قال الشيخ رضى الله عنه
الجذب على ثلاثة أقسام :
القسم الأول: قسم تصنُعي وصاحبه يتصنع الجذب، هروباً من طلب المعيشة ومسئولياتها ليستريح ويتواكل وهذا من الخطأ العظيم. وقد قدم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا أن عندهم رجلاً يقوم الليل والنهار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يعوله؟ قالوا: أخوه قال: أخوه أعبد منه ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
القسم الثاني: هو جذب خيالي، وهو جذب تكون فيه الأفكار التي ترد على العبد من هموم الدنيا بحيث تحدث اضطرابا في قلبه فيعتريه حال الجذب.
القسم الثالث: هو الجذب الحقيقي، وهو اختطاف رباني يحدث من غير تكلف ولا عناء ولا مشقة وهذا القسم نوعان:
جذب منقطع وجذب مطبق
فصاحب الجذب المنقطع يغيب ويفيق أما صاحب الجذب المطبق فلا يفيق ولا كلام لنا عن الجذب الذي لا يفيق صاحبه إنما نتكلم عن الذي يفيق منه صاحبه، فإن الذي يفيق، يؤمر بإتباع ما جاءت به الشريعة.
فالمجاذيب قوم أخذهم الله من أنفسهم، فليسوا من الناس، وهم ناجون، لكنهم لا ينفعون الناس لأن الذي ينفع في طريق الله هم العلماء بربهم، العاملون بالكتاب والسنة، الجامعون للحقيقة والشريعة، فإذا جاءك أحدهم (المجاذيب) فأعطه ما يطلب، ولكن إذا طلباً نقوداً فلا تعطه، لأنها تستوي عنده مع التراب ولبس الملابس عنده والعري سواء ولا تأخذ عن المجاذيب، ولا تطلب الدعاء منهم، لأنهم يدعون عليك بالفقر والمرض لأنهم يحبون هاتين الصفتين للمسلمين جميعاً، لأن الله يدخل بهما المسلمين الجنة وإذا أعطاك ليمونة، فلا تأخذها، فإنها بلاء ومرض، فلا تلبسوا ثيابهم ولا تأكلوا معهم. ومن المجاذيب من يمشي من جهة إلى جهة، ومن يمشي دائماً ومنهم من يبقى مكانه وبعد فترة الجذب يصحو المجذوب، أما في فترة الجذب فيكون عقله غير ثابت.
البُله :
هم العلماء بالله وبالآخرة، الجهلاء بأمور الدنيا والمعاملات وأهل الجنة قليل من الناس، وأهل الحضرة أقل كثيراً
قال صلى الله عليه وسلم: {دخلت الجنة فإذا أكثر أهلها البله} ابن شاهين في الأفراد وابن عساكر عن جابر رضي الله عنه. قال تعالى {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} فالله سبحانه وتعالى قسم العقول كما قسم الأرزاق، والقلوب محل أسرار الله ويلزم المتعلق بالله أمران:
الأول: ألا يوقف نفسه للإجابات.
الثاني: أن يترك نفسه لله يداوم على الحضور مع الله حتى يفتح الله عليه، فإن شاء أنطقه بالعلم وإن شاء أسكته.