حالات الرسل إزاء الشدائد
للرسل حالتان إزاء الشدائد
عدم السؤال: ومن ذلك ما كان من سيدنا (إبراهيم) عليه السلام، عندما ألقي في النار فإنه لم يسأل الله و (رسولنا) صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء لم يسأل الله، وكان يضطهد اضطهادا شديداً وهو في مكة ولكنه لم يخرج منها فراراً، وقد قال الله في كتابه العزيز: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} سورة القلم 48.
وما اتخذ الله رسولاً ولا ولياً إلا وأصيب في بلده، وإن عجل أصيب بالعطب.
و (الرسول) صلى الله عليه وسلم، كان يسأل ربه في مواطن أخرى ويقول:
{أنت رب المستضعفين} حيث كان الكفار يجرون خلفه ويضربونه بالحجارة، وكان صلى الله عليه وسلم يسقط ويقوم، ثم يقع ويقوم وكان يقول: {إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي} .
وهكذا الأولياء فإنهم تارة لا يسألون الله، وذلك إذا غلب عليهم الحال في مقام (الجمع) وتارة يسألونه إذا كانوا في مقام
(الفرق) ، وهم يضطهدون كالأنبياء ويتألب عليهم أهالي بلادهم ويناوئهم العلماء، فتلك سنة الله في خلقه. واللهِ إنه لم يضطهد أحد كالنبي صلى الله عليه وسلم، وإن الولي يضطهد إلى أن يثبت ويطيب له المقام.
واللهِ ما تحرك قلبي لما يصيبني، وما تحركت روحي لمرض، كلما زاد مرضي ازددت فرحاً، والذي يبكيني أنني أخاف ألا أراه وكم أرى فعله جميلاً، أراحني جل شأنه وقد كنت في قلق من قبل أربعين عاماً وقد شرح صدري وكفاني بفضله، وسلب مني كل اختيار، واللهِ ما رأيت لي شيئاً معه وهذه عبودية لا ولاية، كيف نوحده ولا نرضى بما يريد؟! إنه معنا وهو أرحم الراحمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أشد الناسِ بلاءاً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل} رواه الطبراني. فبعد هذا الحديث ليس لأحد أن يتكلم أو أن يرفع رأسه.
لقد أدركت ناساً من أهل الحضرة في الشتاء وكانوا يبدون وكأنهم في أشد الحر ولقد أدركت ناساً ينامون في الظهيرة في الشمس صيفاً وعلى الرمل الحار، وإلا فلا لا يأتيهم النعاس وإنما غفوات في النهار ويقومون مفزوعين، أولئك ليس لهم في العادة نصيب والله لا يريد أن ينومهم. وأدركت ناساً إن ناموا يمرضون وإن أكلوا يتعبون، وقد مرت على أقوام أطوار غريبة في سيرهم إلى الله.
كان والدي رضي الله عنه الشيخ محمد رضوان في الأربعة والعشرين ساعة لا يتناول إلا مد يد واحدة، ولا يتناول غيرها
حتى لقي الله، وما رأيته نام الليل قط، وما رأيت أحد عاب أحداً في مجلسه قط، وما رأيته ضحك قط، وما رأيته صافح عمدة ولا سار في الطريق الذي يؤدي إلى منازلهم قط، ورأيته يبتسم عند خروج روحه فقط.
وهناك قوم إذا جاء الليل فرحوا به، وقاموا بين يدي الله، يلقون ظهورهم على الفرش ولا ينامون قط، ويتأوهون في الأسماء ويبكون كثيراً، وكانوا ينامون وهم جلوس، خفقات يقومون بعدها مفزوعين. وإن الله سبحانه وتعالى يجرع عبده المؤمن من مرارة الدنيا محبة فيه، كما تجرع الأم ولدها الصبر لأجل العافية.
تلذ لي الآلام إذ أنت مسقمي *** وإن تمتحني فهي عندي صنائعُ
والله سبحانه وتعالى يبتلي أوليائه عادة بالأمراض وغيرها قال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين َ} سورة البقرة 155. قال رسول الله) صلى الله عليه وسلم:
{أشد الناسِ بلاءاً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل} رواه الطبراني.
ولقد مر بسيدنا (أيوب) عليه السلام رجلان وقالا: {لو كان رسولاً ما أبتلاه الله} فحزن على كفرهم هذا وقال الله على لسانه {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} سورة الأنبياء 83: 84. وأولياء الله يستعذبون البلاء في الله والموت في سبيله.
وقال تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ} سورة الزمر 34.
وقال تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} سورة الأنبياء 103. ألا وهو الموت. وإن الله يبتلي المؤمنين دائماً، ومن يصبر لقضاء الله يرفع الله شأنه. يقول الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} سورة محمد 31. ويقول {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} سورة العنكبوت 2. فالله لا يترك العبد المؤمن من غير اختبار ليميز الله الصادق من الكاذب ثم يرفع الصادقين إلى أعلى الدرجات، لذلك قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} سورة التوبة 119. كما أن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده الصالحين
لئلا تساكن قلوبهم هذه الدار ليكونوا في الحضور والرجاء لذلك قال الشعراني:
لزمت الرجاء طول عمري. فقيل له: كيف ذلك؟! فقال: لأني كنت في الحضور.
فكلما زاد البلاء زاد الترقي، فقلوبهم تنفر في هذه الدار.
ولذلك قال الإمام (مالك) في الأولياء: {لولا الأجل المحتوم لطارت أرواحهم شوقاً إلى الله، فكلما أرادت أرواحهم أن تطير حبسها الأجل المحتوم، وكلما كثر عليهم البلاء رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فيلازمون الأدب والشكر} . والصالحون مثل حمار الشيخ كل ما يوضع عليه يحمله، تراب - ملح - سكر، لا يتأثرون ولا يغضبوا لأنهم استعذبوا البلاء.
عدم السؤال: ومن ذلك ما كان من سيدنا (إبراهيم) عليه السلام، عندما ألقي في النار فإنه لم يسأل الله و (رسولنا) صلى الله عليه وسلم وهو في غار حراء لم يسأل الله، وكان يضطهد اضطهادا شديداً وهو في مكة ولكنه لم يخرج منها فراراً، وقد قال الله في كتابه العزيز: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} سورة القلم 48.
وما اتخذ الله رسولاً ولا ولياً إلا وأصيب في بلده، وإن عجل أصيب بالعطب.
و (الرسول) صلى الله عليه وسلم، كان يسأل ربه في مواطن أخرى ويقول:
{أنت رب المستضعفين} حيث كان الكفار يجرون خلفه ويضربونه بالحجارة، وكان صلى الله عليه وسلم يسقط ويقوم، ثم يقع ويقوم وكان يقول: {إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي} .
وهكذا الأولياء فإنهم تارة لا يسألون الله، وذلك إذا غلب عليهم الحال في مقام (الجمع) وتارة يسألونه إذا كانوا في مقام
(الفرق) ، وهم يضطهدون كالأنبياء ويتألب عليهم أهالي بلادهم ويناوئهم العلماء، فتلك سنة الله في خلقه. واللهِ إنه لم يضطهد أحد كالنبي صلى الله عليه وسلم، وإن الولي يضطهد إلى أن يثبت ويطيب له المقام.
واللهِ ما تحرك قلبي لما يصيبني، وما تحركت روحي لمرض، كلما زاد مرضي ازددت فرحاً، والذي يبكيني أنني أخاف ألا أراه وكم أرى فعله جميلاً، أراحني جل شأنه وقد كنت في قلق من قبل أربعين عاماً وقد شرح صدري وكفاني بفضله، وسلب مني كل اختيار، واللهِ ما رأيت لي شيئاً معه وهذه عبودية لا ولاية، كيف نوحده ولا نرضى بما يريد؟! إنه معنا وهو أرحم الراحمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أشد الناسِ بلاءاً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل} رواه الطبراني. فبعد هذا الحديث ليس لأحد أن يتكلم أو أن يرفع رأسه.
لقد أدركت ناساً من أهل الحضرة في الشتاء وكانوا يبدون وكأنهم في أشد الحر ولقد أدركت ناساً ينامون في الظهيرة في الشمس صيفاً وعلى الرمل الحار، وإلا فلا لا يأتيهم النعاس وإنما غفوات في النهار ويقومون مفزوعين، أولئك ليس لهم في العادة نصيب والله لا يريد أن ينومهم. وأدركت ناساً إن ناموا يمرضون وإن أكلوا يتعبون، وقد مرت على أقوام أطوار غريبة في سيرهم إلى الله.
كان والدي رضي الله عنه الشيخ محمد رضوان في الأربعة والعشرين ساعة لا يتناول إلا مد يد واحدة، ولا يتناول غيرها
حتى لقي الله، وما رأيته نام الليل قط، وما رأيت أحد عاب أحداً في مجلسه قط، وما رأيته ضحك قط، وما رأيته صافح عمدة ولا سار في الطريق الذي يؤدي إلى منازلهم قط، ورأيته يبتسم عند خروج روحه فقط.
وهناك قوم إذا جاء الليل فرحوا به، وقاموا بين يدي الله، يلقون ظهورهم على الفرش ولا ينامون قط، ويتأوهون في الأسماء ويبكون كثيراً، وكانوا ينامون وهم جلوس، خفقات يقومون بعدها مفزوعين. وإن الله سبحانه وتعالى يجرع عبده المؤمن من مرارة الدنيا محبة فيه، كما تجرع الأم ولدها الصبر لأجل العافية.
تلذ لي الآلام إذ أنت مسقمي *** وإن تمتحني فهي عندي صنائعُ
والله سبحانه وتعالى يبتلي أوليائه عادة بالأمراض وغيرها قال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين َ} سورة البقرة 155. قال رسول الله) صلى الله عليه وسلم:
{أشد الناسِ بلاءاً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل} رواه الطبراني.
ولقد مر بسيدنا (أيوب) عليه السلام رجلان وقالا: {لو كان رسولاً ما أبتلاه الله} فحزن على كفرهم هذا وقال الله على لسانه {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} سورة الأنبياء 83: 84. وأولياء الله يستعذبون البلاء في الله والموت في سبيله.
وقال تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ} سورة الزمر 34.
وقال تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} سورة الأنبياء 103. ألا وهو الموت. وإن الله يبتلي المؤمنين دائماً، ومن يصبر لقضاء الله يرفع الله شأنه. يقول الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} سورة محمد 31. ويقول {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} سورة العنكبوت 2. فالله لا يترك العبد المؤمن من غير اختبار ليميز الله الصادق من الكاذب ثم يرفع الصادقين إلى أعلى الدرجات، لذلك قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} سورة التوبة 119. كما أن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده الصالحين
لئلا تساكن قلوبهم هذه الدار ليكونوا في الحضور والرجاء لذلك قال الشعراني:
لزمت الرجاء طول عمري. فقيل له: كيف ذلك؟! فقال: لأني كنت في الحضور.
فكلما زاد البلاء زاد الترقي، فقلوبهم تنفر في هذه الدار.
ولذلك قال الإمام (مالك) في الأولياء: {لولا الأجل المحتوم لطارت أرواحهم شوقاً إلى الله، فكلما أرادت أرواحهم أن تطير حبسها الأجل المحتوم، وكلما كثر عليهم البلاء رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فيلازمون الأدب والشكر} . والصالحون مثل حمار الشيخ كل ما يوضع عليه يحمله، تراب - ملح - سكر، لا يتأثرون ولا يغضبوا لأنهم استعذبوا البلاء.